الأدب مع رسول الله أين نحن منه ؟
كم كان الأمر محزنا,سيئا ومؤلما عندما جاء السب والاستهزاء منذ أعوام من دولة أجنبية غير إسلامية , وهب المسلمون للدفاع عن نبيهم وكثرت المقالات والمواضيع والأطروحات في كيفية الذب عنه صلوات الله عليه وعن رسالته وعن كيانه الكريم .
ونادى المسلمون بمقاطعة تلك البلد ومنتجاتها وبضائعها المختلفة وهز اقتصادها كي تتراجع عن الإساءة لخبر البرية .
وكانت النتيجة رائعة التي كان عنوانها الحب الجم للحبيب المصطفى والغيرة الدينية على حبيبنا ونبينا وخاتم المرسلين ودينه ورسالته التي أتت للعالمين كافة .
وانطلقت الصيحات المعبرة عن تذمرنا وأسفنا عما حدث : إلاك رسول الله , فداك رسول الله , لو عرفوه لأحبوه , وغيرها من الشعارات التي تنم عن حب وخوف على هذا الدين .
ولكن هؤلاء على عظم جرمهم إلا أن لهم عذرهم في أن يسبوا أو يهينوا أو يستهزئوا لأنهم لا يعرفوه أو لكونهم على غير دينه أو أتى السب من منطلق عقيدتهم .
ولا اختلف على أنها جريمة وعلينا التصدي لها , ولكن الأخطر في الأمر هو ظهور سب علني من بني جلدتنا وديننا , فقد شاهدنا في الآونة الأخيرة أكثر من شخص يستهزئ ويسخر ويتعامل مع حضرة النبي وكأنه شخص عادي بل أقل من العادي
فقد تجرا على كريم الأخلاق وعظيم الصفات الرحمة المهداة وقال له :
في يوم مولدك لن أنحني لك، لن أقبل يديك، سأصافحك مصافحة الند للند، وأبتسم لك كما تبتسم لي وأتحدث معك كصديق فحسب”.
يالجراءته وفجاجة أخلاقه يتحدث إلى رسول الله بتلك الطريقة الوقحة والبذيئة والتي تخلو من أي أدب ونسي انه يتحدث عن سيد ولد ادم , ولو تحدث مع غيره من البشر من ملوك وسادة العرب لكان أكثر تحفظا وأدبا وخضوعا وتذللا .
ونسي أن الله عز وجل نهى من هم أفضل منه ومنا جميعا عن مناجاة الرسول كمناجاتهم بعضهم البعض وانزل قرآنا يتلى إلى يوم الدين يأمر فيه الصحابة ومن ثم يأمر جميع المسلمين بالأدب في التحدث مع الرسول صلى الله عليه وسلم
قال اللّه تعالى : " لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "النور63
قال ابن كثير : " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم
وقال ابن عباس: كانوا يقولون: يا محمد، يا أبا القاسم، فنهاهم اللّه عزَّ وجلَّ عن ذلك إعظاماً لنبيه صلى اللّه عليه وسلم، قال: فقولوا: يا نبي اللّه، يا رسول اللّه .
وقال قتادة: أمر اللّه أن يهاب نبيه صلى اللّه عليه وسلم وأن يبجل وأن يعظم وأن يسود .
وقال مقاتل في قوله:{لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا}
يقول: لا تسموه إذا دعوتموه يا محمد، ولا تقولوا: يا ابن عبد اللّه ، ولكن شرِّفوه فقولوا: يا نبي اللّه ، يا رسول اللّه.
ونهاهم عن التحدث في حضرته بصوت مرتفع لان هذا ينافي الأدب والخشوع والتقدير لشخص الرسول
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي، ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون}الحجرات .
فهذا كله من باب الأدب في مخاطبة النبي صلى اللّه عليه وسلم والكلام معه وعنده .